الذبحة الصدرية أنواعها وطرق العلاج

الذبحة الصدرية

مع مرور الزمن وتطور أساليب الحياة والتغيرات البيئية والعادات الغذائية، أصبحت الأمراض القلبية تشكل تحديًا صحيًا كبيرًا في المجتمعات الحديثة، ومن بين هذه الأمراض تبرز الذبحة الصدرية كواحدة من أكثر الحالات شيوعًا وخطورة في العالم. 

تعتبر الذبحة الصدرية عرضة لتفاقم وتأثيرات خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل فعال وفوري، فقد تؤدي في بعض الحالات إلى أمراض أكثر خطورة مثل النوبة القلبية.

في هذا المقال، يقدم الدكتور إسلام أبو سيدو أخصائي قلب وأوعية دموية مفهوم الذبحة الصدرية، أسبابها، أعراضها، وطرق علاجها، بالإضافة إلى الوقاية منها وأهمية التشخيص السريع والدقيق.

الذبحة الصدرية

الذبحة الصدرية هي حالة طبية تحدث عندما لا يتلقى القلب كمية كافية من الدم الغني بالأكسجين، ونتيجةً لذلك ينبض القلب بشكل أسرع وأصعب للحصول على المزيد من الدم، وهذا بدوره يؤدي للشعور بآلام مؤلمة أو ضغط في منطقة الصدر.

ويجدر بالذكر أن الذبحة الصدرية ليست مرضًا ولكنها تشير إلى أنها علامة تحذيرية للإصابة بإحدى أمراض القلب.

أنواع الذبحة الصدرية

الذبحة الصدرية تنقسم إلى عدة أنواع، وكل نوع له أعراض وخصائص معينة، وتشمل ما يلي:

الذبحة الصدرية المستقرة (Stable Angina)

يحدث هذا النوع عندما لا يتدفق الدم إلى عضلة القلب بشكل كافي بسبب تضيق في الشرايين التاجية والذي يحدث بسبب النشاط البدني أو الإجهاد.

وغالبًا ما تظهر الأعراض بشكل ثابت ومتكرر مع النشاط أو الإجهاد وتتحسن عادةً عند الراحة أو باستخدام الدواء، ويجدر بالذكر أن ألم الصدر عادةً ما يستمر لفترة قصيرة ربما يستغرق 5 دقائق أو أقل.

الذبحة الصدرية الغير مستقرة (Unstable Angina)

هي حالة طارئة وخطيرة حيث تكون الأعراض أكثر حدة وتظهر بشكل مفاجئ ودون سبب واضح وقد تحدث حتى في حالة الراحة، وغالبًا ما يكون الألم أكثر حدة ويستمر لفترة أطول أي لمدة 20 دقيقة أو أكثر.

ولا يختفي الألم مع الراحة أو مع تلقي أدوية الذبحة الصدرية المعتادة لذلك تدخل هذه الحالة ضمن الحالات المرضية الخطيرة وتتطلب علاجًا طارئًا.

الذبحة الصدرية الليلية (Nocturnal Angina)

تظهر هذه الأعراض في هذا النوع خلال فترة الراحة وخاصةً أثناء النوم، مما يؤدي إلى اضطراب النوم واستيقاظ الشخص من النوم بسبب الألم.

الذبحة الصدرية المستقبلية (Prinzmetal’s or variant angina)

نادرة وتحدث عندما يتقلص الشريان التاجي الكبير بدون سبب معروف، وغالبًا ما تحدث في أوقات محددة من اليوم، عادةً في الليل.

وقد يكون لها علاقة بالتدخين ومن الممكن علاجها بالنيتروجليسرين.

اقرأ أيضًا: النوبة القلبية

أسباب الذبحة وعوامل الخطورة

كما ذكرنا أن انخفاض تدفق الدم إلى القلب يؤدي للإصابة بهذه الحالة وعادةً ما يكون ناتجًا عن تضيق في الشرايين التاجية، والأسباب التي قد تؤدي إلى تضيق هذه الشرايين تشمل:

تصلب الشرايين التاجية

يعد هذا السبب الأكثر شيوعًا ويحدث هذا نتيجة تراكم الدهون والكوليسترول على جدران الشرايين التاجية والتي تزود القلب بالدم، ولكن عندما تضيق هذه الشرايين أو تتصلب فإنها تؤدي لانخفاض تدفق الدم إلى القلب.   

مرض الأوعية الدموية الدقيقة التاجية

مرض الأوعية الدموية التاجية الدقيقة والمعروف أيضاً بالذبحة الصدرية الناجمة عن أمراض الأوعية الدموية التاجية الصغيرة، هو حالة تحدث عندما تكون هناك مشكلات في الشرايين التاجية الصغيرة أو الأوعية الدموية التي تغذي القلب، وليس في الشرايين التاجية الكبيرة.

تشنج الشريان التاجي

هو انقباض مفاجئ ومؤقت في الشريان التاجي، والذي يمد القلب بالدم. 

يمكن أن يؤدي هذا التقلص إلى نقص تدفق الدم والأكسجين إلى أجزاء من القلب، مما يسبب ألم الصدر وقد يزيد من خطر حدوث نوبة قلبية.

أما بالنسبة لعوامل الخطورة فقد يكون البعض أكثر عرضة للإصابة بالذبحة، مثل:

  • العمر حيث أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بسن 45 عامًا، والنساء بسن 55 عامًا. 
  • المصابين بفقر الدم.
  • المصابين بالقلق المزمن.
  • الضغوط العاطفية.
  • مرضى السكري.
  • مرضى ارتفاع ضغط الدم.
  • عدم ممارسة أي نوع من النشاط البدني.
  • اتباع نظام غذائي غني بالدهون المشبعة، أو السكر، أو الصوديوم.
  • الأشخاص الذين تعرضوا لسكتة قلبية أو أي أمراض قلبية أخرى.
  • الإفراط في شرب الكحول.
  • التدخين أو استخدام منتجات التبغ.
  • التعرض لفترة طويلة من التدخين السلبي.
  • مرضى السمنة.
  • درجات الحرارة الباردة.

كيف تبدو الذبحة الصدرية؟

يصف معظم الأشخاص المصابين بالذبحة الصدرية أنهم يعانون من ألم أو ضغط في منطقة الصدر تحديدًا خلف عظمة الصدر، وفي بعض الأحيان قد لا يتمكن البعض من تحديد مصدر الألم بالضبط.

من الممكن أن ينتشر الألم أو الانزعاج الذي يشعر به الشخص إلى أجزاء أخرى، مثل: الرقبة، أو الفك، أو الكتفين، أو الظهر، أو البطن، بالإضافة إلى ظهور أعراض أخرى تشمل:

  • التعب.
  • الغثيان أو القيء.
  • الدوار أو الدوخة.
  • ضيق التنفس.
  • التعرق كثيرًا.

طرق التشخيص 

فيما يلي بعض الطرق الشائعة لتشخيص الذبحة الصدرية:

الفحص السريري

يتضمن في البداية السؤال عن التاريخ الصحي للمريض، الأعراض المصاحبة، والعادات الحياتية.

يجري الطبيب بعد ذلك فحص سريري للقلب والأوعية الدموية، وقياس العلامات الحيوية، مثل: ضغط الدم ومعدل النبض.

تخطيط قلب (ECG)

يسجل التخطيط الكهربائي للقلب الأنشطة الكهربائية للقلب ويمكنه الكشف عن أي تغيرات قلبية مرتبطة بالذبحة الصدرية.

اختبار الجهد

يتضمن اختبار الجهد المشي على الدراجة الهوائية أو السير على جهاز المشي مع مراقبة القلب باستخدام فحص تخطيط القلب لتقييم استجابة القلب للتمارين والكشف عن أي تغيرات قلبية.

التصوير بالأشعة السينية للقلب

تظهر الأشعة السينية للقلب حجم القلب وشكله ويمكنها الكشف عن ما إذا كانت هناك حالات أخرى تسبب أعراض ألم الصدر، بالإضافة إلى معرفة ما إذا كان يوجد تضخم بالقلب أم لا.

التصوير المقطعي المحوسب 

يظهر التصوير المقطعي للشرايين التاجية أدق التفاصيل عن حالة الشرايين في القلب.

العلاج

يعتمد العلاج على شدة الأعراض والتقييم السريري للحالة، فيما يلي تفاصيل بعض الطرق المستخدمة لعلاج الذبحة الصدرية:

العلاج الدوائي

وتشمل ما يلي:

  • النيتروجليسيرين: يستخدم لتوسيع الشرايين التاجية وتحسين تدفق الدم إلى القلب.
  • حاصرات مستقبلات بيتا: تستخدم لتقليل الضغط على القلب، ومن أبرز الأمثلة عليها:
    • أتينولول (Atenolol).
    • ميتوبرولول (Metoprolol).
  • مثبطات قنوات الكالسيوم: تستخدم لتوسيع الشرايين التاجية، مثل: ديلتيازيم (Diltiazem).
  • مضادات الصفائح الدموية: مثل الأسبرين، لمنع تكون الجلطات داخل الشرايين التاجية.
  • الأدوية المانعة للتجلط: لتقليل احتمالية التصاق الصفائح الدموية ببعضها، ومن ثم منع تجلط الدم، ومن الأمثلة عليها: الكلوبيدوجريل (Clopidogrel).
  • الأدوية الخافضة للكوليسترول: لخفض مستويات الكوليسترول في الدم ومنع انسداد الأوعية الدموية.
  • أدوية ضغط الدم.

الإجراءات الجراحية

يمكن ذكرهم على النحو التالي:

القسطرة القلبية

القسطرة القلبية هي إجراء تشخيصي وعلاجي يُستخدم لتقييم وتوسيع الشرايين التاجية المصابة بالتضيق أو الانسداد في حالات الذبحة الصدرية. 

فيما يلي تفاصيل إجراء القسطرة القلبية:

  • قبل القسطرة، سيقوم الطبيب بإجراء فحص طبي لتقييم الحالة الصحية العامة للمريض وتحديد الحاجة الملحة للقسطرة.
  • يتم تخدير المريض تخديرًا عامًا.
  • يقوم الطبيب بإدخال قسطرة رفيعة ومرنة من خلال الشريان أو الوريد في الذراع أو الساق وتوجيهها نحو القلب تحت إشراف الأشعة السينية.
  • بعد إدخال القسطرة، يتم حقن مادة ملونة مع نظام الأشعة السينية لتوضيح وتصوير الشرايين التاجية وتحديد موقع ودرجة التضيق أو الانسداد.
  • إذا تم العثور على تضيق أو انسداد في الشرايين التاجية، يمكن إجراء التوسيع باستخدام بالون قسطرة ووضع دعامة لتحسين تدفق الدم.
  • بعد إجراء القسطرة، يتم سحب القسطرة وإغلاق الجرح الموجود في موضع إدخال القسطرة.

جراحة تطعيم مجازة الشريان التاجي (CABG)

في بعض الحالات الشديدة من الذبحة الصدرية وعند عدم الاستجابة للعلاجات الطبية التقليدية، قد يتم اللجوء إلى الجراحة لتحسين تدفق الدم إلى القلب عن طريق تمرير عروق جديدة حول منطقة الانسداد في الشريان التاجي.

وتتضمن خطوات العملية:

  • يتم إعطاء المريض تخديرًا عامًا.
  • يتم إجراء قطع من الوريد أو الشريان في الجسم، مثل الوريد السفلي الواسع أو الشريان الداخلي للصدر.
  • يقوم الطبيب بتمرير الشرايين الجديدة أو العروق حول مناطق الانسداد في الشرايين التاجية المصابة.
  • يتم ربط الشرايين الجديدة مع الشريان التاجي قبل وبعد منطقة الانسداد.
  • بعد تمرير الشرايين الجديدة، يتم فحص تدفق الدم في الشرايين للتحقق من فعالية العملية.
  • بعد الانتهاء من العملية، يتم إغلاق الجرح.    

ما الفرق بين الذبحة الصدرية والنوبة القلبية؟

تعد كلًا من الذبحة الصدرية والنوبات القلبية هي نتيجة لمرض الشريان التاجي، لكن الذبحة الصدرية لا تسبب ضررًا دائمًا للقلب على عكس النوبة القلبية التي تفعل. 

وذلك لأن الذبحة الصدرية تشير إلى انخفاض مؤقت في تدفق الدم إلى القلب، أما النوبة القلبية تسبب انخفاضًا أطول في تدفق الدم وفي خلال تلك الفترة، يبدأ جزء من عضلة القلب في الانهيار.

والفرق الرئيسي الآخر هو أنه في حالة الذبحة الصدرية يمكن أن تختفي خلال دقائق قليلة من خلال الراحة أو تناول الدواء، أما في حال النوبة القلبية فإن الراحة أو الدواء لن يخفف من الأعراض.

هل يمكن الوقاية من الذبحة الصدرية؟

نعم، يمكنك الوقاية من هذه الحالة من خلال العيش بأسلوب حياة صحي للقلب، اتبع هذه الخطوات لتحسين صحة القلب:

  • قم باتباع نظام غذائي صحي يحتوي على الفواكه والخضروات، والحبوب الكاملة، والبروتينات.
  • ابتعد عن الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والكوليسترول، وقم بالحد من استهلاك الملح والسكريات المضافة.
  • مارس بعض الأنشطة الرياضية، مثل: المشي السريع أو ركوب الدراجة، أو السباحة، لكن قم باستشارة الطبيب قبل بدء أي برنامج تمريني جديد.
  • حافظ على وزن صحي، واحرص على أن يبقى معدل كتلة الجسم (BMI) في المدى الطبيعي.
  • أقلع عن التدخين حيث أنه يعد من أبرز عوامل الخطر للإصابة بالذبحة الصدرية.
  • قم بفحوصات دورية لقياس ضغط الدم والكوليسترول، واتبع التوصيات الطبية للسيطرة عليهما.
  • استخدم تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق، وابتعد عن المواقف المؤدية للتوتر.

اقرأ أيضًا: انسداد شبكية القلب أو دعامة القلب

Tags: No tags

Comments are closed.